“الحياة كتاب مفتوح وبالتعليم نتمكن من أن نكتب على صفحاته قصة نجاح”
قول مأثور
ولدت فى امارة الشارقة لعائلة محافظة على قدر من الثقافة والعلم بمعايير ذلك الزمان ، وكانت من الاسر الميسورة الى حد ما والتى كان لها حياة اجتماعية مؤثرة فى المجتمع من حيث الوضع الاجتماعى والاقتصادى والثقافى .
عائلـتى
كان جدى لأمى طواش يشتغل بتجارة اللؤلؤ ، وكان أبى يشتغل بالتجارة مع الهند وابن عم جدتى الشيخ سيف المدفع كان قاضى الشارقة الشرعى حين ذاك ، اما أغلب أهالينا فكانوا يشتغلون بالتجارة ، حيث كان للتجارة والسفر الأثر الكبير فى حياة الاسرة .
ابى هو على بن أحمد بن سيار من قبيلة بنى ياس وهى من القبائل المعروفة ، أشتغل والدى بالتجارة مع الهند ، أختى لطيفة هى والدة الشيخ مانع والشيخ محمد بن مانع آل مكتوم ، واحمد وسلطان بن ركاض العامرى ، وأخى أحمد بن سيار ، وأخوى من أمى عبدالرحمن ود. عبدالله من عمى أحمد بن حديد .
مدرسة الزهراء
تفتحت طفولتى على وقع تباشير الفجر الأولى لقيام نهضتنا الحديثة وتمثلت أكثر ما تمثلت فى نشأة التعليم النظامى الحديث بجهود رواد التنوير من قادة المجتمع وبعون دولة الكويت ومصر وقطر . فى عام 1953 افتتحت بالشارقة أول مدرسة حديثة باسم مدرسة القاسمية للأولاد والبنات ، وبعد عام واحد أنتقل الأولاد للدراسة فى مبنى أخر وأصبح أسم مدرستنا فاطمة الزهراء .
لم تتردد أسرتى فى إلحاقى بمدرسة الزهراء شأنى فى ذلك شأن إخوانى الذين التحقوا بمدرسة البنين فدخلت بدخولى المدرسة إلى عالم التعليم بكل ما يحمله لفتاة صغيرة من مباهج ومسرات ، وفى مدرستى عرفت معنى النجاح ومذاقه كلما ارتقيت خطوة على سلم التعليم وتولد لدى الشعور بأن التعليم سيكون طريقى فى الحياة .
كان نظام التعليم وليدا لم تكتمل له بعد مقوماته الأساسية . كان يعتمد فى مناهجه وامتحاناته على دولة الكويت وكان يتوقف بنا بنينا وبناتا عند المرحلة الثانوية وقد اضطررت مع عدد من رفيقاتى إلى السفر إلى الكويت لأداء امتحان الشهادة الثانوية . كنت ورفيقاتى يراودنا الحلم لمواصلة تعليمنا للمرحلة الجامعية لكننا كنا ندرك ما يحول بيننا وبين تحقيق الحلم من تحديات بسبب التقاليد السائدة حينذاك وصعوبة السفر فلم تكن هناك مطارات ولا رحلات منتظمة. وحين سافرنا أول مرة لأداء امتحان الثانوية العامة فى دولة الكويت سافرنا على متن طائرة صغيرة من مطار المحطة الخاص بالحامية البريطانية على إنى بقدر غير قليل من الإرادة والإصرار كنت أول من أجتزن الطريق إلى الجامعة بكثير من الاصرار والرغبة القوية لاستكمال تعليمى حتى رضخ الأهل لمطلبى وساندونى طوال سنوات السفر والغربة .
جامعة عين شمس
تلقيت دراستى الجامعية فى قسم الدراسات التاريخية بكلية البنات جامعة عين شمس . كانت الكلية المخصصة للبنات امتدادا لكليات الجامعة ، وكان القسم الذى اخترته امتدادا لنظيره فى كلية الآداب فى الجامعة الأم . ومرة أخرى أخذتنى الحياة الجامعية بآفاقها المترامية إلى عالم باهر كما أخذتنى الحياة المدرسية بسحرها فى طفولتى الباكرة .
فى قاهرة الستينيات وفى الجامعة عشت عالما يموج بالفكر والفن والثقافة بصحفه ومجلاته وكتبه وبمسرحه ومنتدياته الأدبية والفكرية والعلمية . كانت الدراسات التاريخية فى قلب ذلك كله حيث يصبح التاريخ مفتاح البحث عن الذات والهوية فى أوقات النهضة التى تستكشف فيها الأمم الناهضة طريقها صوب المستقبل . وما زال حيا فى ذاكرتى من تلك الفترة “سمنار التاريخ” الذى كان ينظم حلقات بحث ومناقشة لمدارس التاريخ بمختلف اتجاهاتها ويقوم بعرضها أساتذة التاريخ المرموقين فى مصر والعالم العربى وشباب الباحثين بحضور طلاب الدراسات التاريخية من جامعتنا وجامعة القاهرة .
فى عام 1968 أنهيت دراستى الجامعية ، وكان على أن أعود إلى الوطن بعد حصولى على درجة الليسانس لأبدأ حياتى العملية . غادرت القاهرة وغادرت جامعتى وكليتى ولكن سحر عالمها بقاعاتها ومكتباتها وبأساتذتها ورفيقات الدراسة لم يغادرنى . غادرت هذا العالم وكلى عزم وتصميم على أن أعود إليه فى يوم ما لأواصل دراساتى العليا حتى منتهاها ، وفعلا عدت فى العام 1971 لأدرس الماجستير وذهبت هذه المرة الى لندن لجمع المادة العلمية المطلوبة للبحث من مكتبة المتحف البريطانى ، وفى عام 1973 حصلت على درجة الماجستير بتقدير امتياز عن رسالة بعنوان “دولة اليعاربة”,وهى أول رساله ماجستير بالدولة وشرفت بتقديم نسخة منها لصاحب السمو المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان فى أول عيد للعلم بالدولة فى العام 1974 ، وفى عام 1983 حصلت على درجة الدكتوراه فى فلسفة التاريخ بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف عن رسالة عنوانها “التاريخ السياسى لدولة الإمارات العربية المتحدة” .
على مدى فترة الدراسات العليا وحتى حصولى على درجة الدكتوراه والتى امتدت لأكثر من عشر سنوات كان وقتى كله مكرسا لعملى ودراستى . كنت دائمة التنقل بين الشارقة وأبو ظبى والامارات وكل مناطق الدولة للعمل مع رحلات متكررة إلى القاهرة لمتابعة الدراسة ولجمع مصادررسالة الدكتوراة من المكتبات ودور الوثائق ، كانت فترة عصيبة ومشحونة بالجهد بلا شك ، لكنى عرفت خلالها قيمة إدارة الوقت والتركيزعلى الهدف ، كما عرفت روعة الشعور بالإنجاز وتحقيق الذات .
دولة الامارات العربية المتحدة
وكما تفتحت طفولتى على تباشير الفجر الأولى لنهضتنا الحديثة ، فقد تزامن دخولى إلى ميدان العمل والحياة مع إعلان دولة الاتحاد فى الثانى من ديسمبر 1971 ، وبإعلانها بزغ فجر دولة وليدة عقدت قيادتها العزم على أن تطلق من على أرضها مشروعا نهضويا طموحا يرسى دعائم دولة عصرية تملك من أسباب التقدم ما يبوؤها مكانها المرموق على خريطة العالم ويفسح لها مكانها فى قلب العصر .
انطلقت هذه النهضة من خلال الرؤية المبدعة لقائدنا التاريخى المغفور له صاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه “بأن الانسان أغلى ثروات الوطن” وكذلك ” إن أفضل إستثمار للمال هو إستثماره فى خلق أجيال من المتعلمين والمثقفين ، وعلينا أن نسابق الزمن وأن تكون خطواتنا نحو تحصيل العلم والتزود بالمعرفة أسرع من خطانا فى المجالات الأخرى ” .
فى غمرة هذه الروح الوثابة التى تملكت كل أبناء الوطن وسرت فى كل أرجائه بدأت حياتى الوظيفية . بدأتها عام 1971 معلمة فى مدرسة الزهراء وهى ذات المدرسة التى تخرجت منها . وفى هذه المرحلة التاريخية التى احتاجت فيها الدولة الوليدة إلى كل متعلم من أبنائها ليتحمل قسطه من المسؤولية فى بناء هياكلها الإدارية والتنفيذية لم ألبث بعد عام دراسى واحد أن كلفت بمسؤولية رئاسة قسم الخدمة الاجتماعية بوزارة التربية والتعليم . وكنت المرأة الوحيدة بين قيادات هذا الجيل الذى شارك فى بناء النهضة الحديثة لدولتنا الفتية ، مما زاد من إصرارى على النجاح فى مهمتى .
لقد أتاح لى هذا الموقع أن أشارك أبناء الوطن الذين تولوا مواقع المسئولية لبناء هيكل الجهاز الفنى والإدارى لوزارة التربية والتعليم ، وبناء منظومة تعليمية على امتداد خريطة الوطن توفر فرصة التعليم لكل طفل وطفلة على أرضه . وخلال موقعى أسست لإدارة الخدمة الاجتماعية بالوزارة ودعمنا المدارس بالكوادر الفنية المتخصصة فى الإرشاد الاجتماعى والنفسى .
التربية الخاصة
كان تأسيس قسم التربية الخاصة هو ابرز مهامى وأولوياتى لتأهيل فئة من الطلاب يعانون إعاقات وظروفاً معيشية تؤثر في مستواهم التعليمي بتخصيص فصول دراسية لهم، ومدرسين متخصصين وبرامج تدريس علاجية ومتابعتهم حتى يتم إدماجهم في الفصول الاعتيادية، وتوجت هذه الجهود بإنشاء غرف المصادر في كثير من مدارس الدولة وبإمكانيات كبيرة. ولقد نال هذا الأسلوب التعليمي المتطور والمواكب لأحدث الأنظمة التعليمية الحديثة إعجاب الخبراء وذوي الاختصاص الذين جاءوا ليطلعوا على تجربة الإمارات الحديثة في مجال رعاية وتأهيل ذوي الاحتياجات الخاصة بمدارس الدولة.
قطاع الأنشطة التربوية والمركزية .
فى مرحلة تالية من حياتى الوظيفية تقلدت منصب وكيل الوزارة المساعد لشئون الخدمة الاجتماغية عام 1981 وكان أرفع منصب تتولاه امرأة فى ذلك الوقت . وفى ظل هيكل تنظيمى جديد للوزارة تقلدت منصب وكيل الوزارة المساعد لقطاع الأنشطة التربوية والمركزية عام 1986 . فى هذا الموقع اتسعت مسئولياتى لتشمل خمس إدارات مركزية تضمنت : إدارة التدريب الفنى والتأهيل التربوى ، إدارة التربية الرياضية والكشفية ، إدارة المكتبات المدرسية ، إدارة الوسائل التعليمية ، وإدارةالخدمة الاجتماعية والتربية الخاصة وانشاء غرف المصادر . ومع عظم المسئولية التى ألقيت على كاهلى لأدارة قطاع بهذا الحجم حيث كان يضم 5643 ما بين فنيين متخصصين واداريين فقد شكلت فترة عملى فى هذا الموقع واحدة من أخصب وأمتع الفترات فى حياتى الوظيفية .وكان من أبرز الانجازات التى أعتز بها فى تلك الفترة هى :
برنامج التأهيل التربوى وهو برنامج لإعداد معلمى ومعلمات رياض الأطفال ومدرسى الصفوف ومعلمى التربية الفنية ، وامناء المكتبات والمعامل العلمية والسكرتارية واستطاع هذا البرنامج الرائد رفد الميدان المدرس بأكثر من بثلاثة آلاف من المواطنين والعمل بوزارة التربية .
الاحتفالات الوطنية
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أما الاحتفالات بالعيد الوطني لقيام دولة الاتحاد فكانت إنجازاً أعتز به كثيراً، وكنت أحرص على أن يكون المشاركون فيه طلبة وطالبات من كل أنحاء الدولة لغرس الانتماء الوطني لديهم وتحفيز روح الاتحاد في نفوسهم، وخلق تآلف وتعاون بين المناطق التعليمية بالدولة ليكون جهداً جماعياً يتناسب ومكانة المناسبة، قدم القطاع خمسة أوبريتات كانت على التوالي: شدو الزمان 1987، النخلة الوطن 1988، القائد والمسيرة 1989، زايد يا وطن 1990، والله يا وطن 1992، وكانت تؤكد جميعها على حب الوطن، والانتماء إليه والاعتزاز به ليتحقق الهدف الهام للتربية ألا وهو إعداد المواطن الصالح المحب لوطنه والمخلص له. كانت تقام هذه الاحتفالات الوطنية بحضور صاحب السمو الشيخ زايد وإخوانه حكام الإمارات وضيوف الدولة القادمين للتهنئة بالعيد الوطني.
الندوات العلمية .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وكانت الندوات العلمية التي نظمتها إدارة الخدمة الاجتماعية بمشاركة مكتب التربية العربي وجامعات عربية محطة نجاح أخرى، حيث عقدت خمس ندوات هامة تناولت موضوعات من داخل القطاع كانت على التوالي إطلالة مستقبلية: الطفولة 1989، ندوة النشاط المدرسي بين الواقع والطموح 1991، ندوة رعاية المتفوقين 1993، ندوة سلامة البيئة المدرسية 1995، وندوة الرحلات المدرسية العلمية 1996.
وفي عقد التسعينات نجح قطاع الأنشطة التربوية والمركزية في تحويل الميدان المدرسي إلى ساحة نشاط مزدهرة وزاخرة بالمسابقات والرحلات العلمية والمعسكرات الاجتماعية والنوعية والمباريات الرياضية والمعارض الفنية والمشاركات الدولية من خلال كوادر فنية متخصصة بلغ عددهم 5643 في العام 1998.
الأنشطة التربوية
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أطلقت شعبة النشاط المدرسي بإدارة الخدمة الاجتماعية برنامج المسابقات المدرسية في العام 1982-1983، وبتعاون مؤسسات المجتمع الثقافية والاقتصادية والحكومية في دعم هذه المسابقات زادت وتنوعت حتى بلغ عددها في العام الدراسي 1997-1998 (55) مسابقة تربوية متنوعة تعاملت مع المستويات المختلفة للطلاب، وللمدرسة، وللمنطقة، وتنوعت بحيث شملت المسابقات الحرة، المسابقات المرتبطة بالمنهج المدرسي، مسابقات إدارات القطاع، مسابقة التعليم الفني، مسابقة الأولمبياد في الكيمياء والفيزياء، مسابقة الرحلات العلمية، جمع الطوابع، واكتسبت هذه المسابقات زخماً أكبر عندما أطلقها القطاع في العام 1989-1990 تحت شعار موحد تدور حوله كل المسابقات كان من بينها: الإنسان والجذور، والإنسان والمستقبل، والتربية قيم وسلوك، فكان لهذه الشعارات الأثر الكبير لتنبيه المجتمع المدرسي وتوجيه طاقاته نحو قضايا وموضوعات إيجابية محددة تعزز الانتماء الوطني وتنميه.
ومن بين من شارك في دعم هذا البرنامج العديد من الشركات والمؤسسات أذكر منها ديوان صاحب السمو رئيس الدولة، ديوان سمو الشيخ خليفة، جمعية الهلال الأحمر، ندوة الثقافة والعلوم، القيادة العامة للشرطة، مؤسسات إعلامية جمعيات نسائية، مؤسسة اتصالات، هيئات اجتماعية ومؤسسات اقتصادية.
النهضة النسائية
وانطلاقا من طبيعة الخدمة الاجتماعية المدرسية والدور المنوط بها لخلق بيئة تعليمية آمنة ودودة تحتضن أبناءها وترعاهم وتحفز رغبتهم فى التعلم وتنمى فيهم حب المعرفة وتطلق فيهم طاقات الإبداع ، كما تعنى بالمجتمع المدرسى فى انضباطه وسلامته ، وفى تواصله وتفاعله الخلاق مع محيطه الاجتماعى ، فقد فتح هذا الموقع أمام ناظرى آفاقا واسعة للعمل التربوى فى جانب من أهم جوانبه ، وأتاح لى فرصا ثمينة للمشاركة فى العمل الاجتماعى فى إطار منظمات المجتمع المدنى المعنية بالخدمة الاجتماعية وتنمية المجتمع .
بدأت العمل فى إطار منظمات العمل المدنى التى تعمل فى مجال خدمة وتنمية المجتمع وبالأخص الجمعيات النسائية حيث كان لى الشرف أن أكون فى معية صاحبة السمو الشيخة فاطمة بنت مبارك أم الإمارات ، حفظها الله ورعاها حين أنشأت أول منظمة للعمل المدنى فى دولة الإمارات بعد قيام دولة الاتحاد ممثلة فى جمعية المرأة الظبيانية عام 1973 أى بعد أقل من عامين من إعلان دولة الاتحاد .
وبتنامى العمل النسائى وإنشاء الجمعيات النسائية فى كل الإمارات ، بادرت صاحبة السمو الشيخة فاطمة إلى إنشاء الاتحاد النسائى العام ليضم الجمعيات النسائية بالدولة فى إطار واحد يمثلها . وقد أسعدنى أن أشهد وأن أشارك فى تأسيس الاتحاد ، وشرفنى أن أكون فى عضوية الوفود التى مثلت الاتحاد فى دورات المؤتمر العالمى للمرأة فى كل من المكسيك وكوبنهاجن وبكين وكل مؤتمرات الشئون الاجتماعية ومؤتمرات اليونسكو الخاصة بالتعليم
مدارس الشارقة الأمريكية الخاصة .
ولما كان العمل فى مجال التعليم هو محور حياتى الوظيفية والعملية ، والرسالة التى تملكت فكرى ووجدانى وأطلقت خيالى للحلم بإنشاء مؤسسة تعليمية عالمية المستوى عصرية الطابع برؤية إماراتية تعكس ثقافة مجتمعها وتستلهم قيمه الروحية والحضارية .
تقاسمت الحلم مع شريك حياتى ورفيق دربى الدكتور نواف فواز ، وبدأنا فى العمل على تحقيق الحلم بخطوة بدت صغيرة ولكنها كانت بمثابة التجربة المصغرة لحلمنا الأكثر اتساعا وطموحا ، بدأنا بإنشاء حضانة وروضة للأطفال .
انطوت التجربة على خبرات تعلمنا منها الكثير ، وأتصور أننا كتبنا بها على المستوى الشخصى فى مسيرة حياتنا قصة نجاح نعتز بها ، ويكفينا فى هذا المقام أن نشير إلى شهادات المدارس التى التحق بها أطفال روضتنا حيث كانوا موضع ترحيب هذه المدارس لتميز التعليم التأسيسى الذى حصلوا عليه .
يقولون بحق النجاح يولد النجاح ، وقد شجعنا نجاحنا فى تجربتنا المصغرة تلك على أن نعقد العزم على مواصلة الطريق فى الاتجاه إلى تحقيق حلمنا إلى أقصى مدى تصل إليه إمكاناتنا وقدراتنا . كان الحلم كما ألمحت ، وكما استقر عليه فكرنا هو إنشاء وتطوير مؤسسة تعليمية تقدم خدماتها للمراحل من الروضة وحتى الثانوية ، وكان طموحنا أن ترتكز المؤسسة فى إنشائها وتطويرها على معايير الجودة العالمية برؤية إماراتية تعكس ثقافة المجتمع وتستلهم قيمه الروحية وتاريخه وحضارته ، وتستجيب لتطلعاته فى بناء مستقبله .
استغرقت مرحلة الإعداد والتحضير أكثر من عامين من العمل المكثف حتى تم اعتماد المدرسة بمبناها ومرافقها ومناهجها وبرامجها التعليمية والتربوية من قبل وزارة التربية والتعليم بالدولة . فى سبتمبر 1997 فتحت المدرسة أبوابها لاستقبال طلابها فى الشارقة ، ودبى 2005 وفى أم القيوين 2014 وفى أبوظبى 2016 كماحصلت المدرسة على شهادة اعتماد منهجها وبرنامجها التعليمى من الروضة فى ديسمبر 1999وحتى الصف الثانى عشر من قبل الهيئة الأمريكية المختصة باعتماد المدارس الأمريكية الدولية عبر العالم وهى شهادة تفتح أمام خريجى المدرسة أوسع الفرص للالتحاق بالجامعات المرموقة محليا وإقليميا وعالميا .
فى غضون سنوات قليلة حققت المدرسة حضورها ومكانتها ، واكتسبت شهرتها بين مدارس التعليم الخاص الدولية بالشارقة وعلى مستوى الدولة ، وقد حققت هذه المكانة بهويتها الثقافية التى عرفت بها ، وبالتعليم المتميز الذى تؤكده شهادات اعتمادها
وأعتز وأفخر بأن مسيرتى الأكاديمية ، ومسيرتى المهنية كانتا دوما محل تقدير وتشجيع من كل قيادات الوطن السياسية واثقافية وكثير من فئات المجتمع ، وحظيت بالكثير من التكريم داخل الدولة وخارجها .
شكر وامتنان
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وأنا أكتب هذه الصفحات وأسترجع ذكريات أيام مجيدة من تاريخ أمتنا، غمرني شعور جارف بالامتنان، فأنا أحمد الله كثيراً على أنه قدر لي أن أشهد نهضة وطني الغالي وأن أسهم بجهدي المتواضع لتنفيذ جزء من أحلامه، وأن الله وفقني في حياتي لأكون على قدر المسؤولية التي شرفت بتوليها.
وشكراً لله العلي القدير أن وهبنا قيادة رشيدة تمثلت في صاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان قائد المسيرة المباركة، وإخوانه أصحاب السمو أعضاء المجلس الأعلى حكام الإمارات الذين لم يألوا جهداً في تعزيز دولة الاتحاد ودعم نهضتها بفكرهم المستنير ورؤاهم الثاقبة لمستقبل أفضل لدولة الإمارات العربية المتحدة، وتشهد الجوانب المشرقة من نهضتنا في المجالات الاقتصادية والثقافية والعمرانية التي تحفل بها كل مدينة من مدن الدولة بإبداع الرؤية وبراعة التنفيذ.
وأشكر لقيادتنا الرشيدة ثقتها الكبيرة بنا، وتشجيعنا ودعمنا، فلقد كان كل جهد مشكور، وكل إنجاز يلقى التقدير ليس لي فقط، بل لكل القيادات التي أسهمت في نهضة هذا الوطن.
والحقيقة أنني ممتنة جداً لله رب العالمين أن قدّر لي أن أعمل منذ بداية عملي برعاية وتوجيه صاحب السمو المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان – رحمه الله – فبفضل تشجيعه الدائم لي والثقة الكبيرة التي منحني إياها على مدى مشواري الطويل ، فكان لآراء سموه وتوجيهاته السديدة الفضل في النجاحات التي تحققت والمسار القويم الذي سلكناه. كان العمل برعاية من سموه وساماً على صدري أعتز به مدى الحياة ولا شيء يضاهيه أبداً.وأيضاً كان من حظي وحظ بنات جيلي أن تعلّمنا مباشرة من رائدة النهضة النسائية صاحبة السمو الشيخة فاطمة بنت مبارك أم الإمارات – أطال الله في عمرها – والتي جعلت تعليم المرأة والنهوض بها ورعاية الطفولة والأمومة هدفاً ومحوراً للنشاط المجتمعي، وأكثر ملامح نهضتنا المباركة إشراقاً وتألقا.